لماذا تتجه أنظار المستثمرين صوب الإمارات والسعودية وقطر؟





دبي – خاص
يشهد قطاع التكنولوجيا المالية نمواً متسارعاً يجعله من أكثر القطاعات حيويةً في دول مجلس التعاون الخليجي. وبفضل المبادرات الطموحة التي أطلقتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، ترسّخ موقع المنطقة كمركزٍ عالمي رائد في مجال الابتكار.
انطلاقاً من موقعهما القيادي على رأس أبرز شركة إقليمية في مجال خدمات تأسيس الأعمال والشركات، يشارك كلٌّ من جيمس إليوت سكوير، المدير التجاري لشركة “سوفرين بي بي جي” في السعودية والإمارات، ونيل ويلسون، المدير العام للشركة في قطر، رؤيتهما حول ما يقدّمه هذا الواقع من فرص للمستثمرين والشركات الراغبة في دخول أسواق دول مجلس التعاون الخليجي أو توسيع أعمالها فيها.
 
 ما العوامل التي تقف وراء الزخم المتسارع لقطاع التكنولوجيا المالية في دول مجلس التعاون الخليجي؟
جيمس إليوت سكوير: الأمر يتعلّق بالتحوّل. ففي دول مجلس التعاون الخليجي، تستفيد الحكومات من التكنولوجيا المالية لدفع التنويع الاقتصادي، وتحديث الأنظمة المالية، ودعم رواد الأعمال. في المملكة العربية السعودية، تمثل رؤية 2030 المحرّك الرئيس لهذا التحوّل، إذ تهدف إلى زيادة عدد شركات التكنولوجيا المالية من 23 شركة مرخَّصة حالياً إلى أكثر من 500 شركة بحلول عام 2030. أما الإمارات العربية المتحدة، فقد رسّخت مكانتها كمركزٍ إقليمي رائد لشركات التكنولوجيا المالية التي تتوسّع في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، مستفيدةً من جاذبية مركز دبي المالي العالمي وسوق أبوظبي العالمي للمستثمرين الدوليين. وبينما يمنح الحجم الاقتصادي للمملكة العربية السعودية زخماً قوياً، يوفّر تكامل بيئة الأعمال في الإمارات عامل جذبٍ استراتيجي، لتتكوّن معاً قصة نمو استثنائية تُعيد تشكيل المشهد المالي في المنطقة.
نيل ويلسون: تشهد قطر بدورها تسارعاً ملحوظاً. فقد جمعت الشركات العاملة في نمو قطاع التكنولوجيا المالية تمويلاً قياسياً العام الماضي، إذ بلغ إجمالي تمويل رأس المال الاستثماري فيه 46 مليون ريال قطري، بزيادةٍ قدرها 581% مقارنةً بالعام السابق، مما جعلها القطاع الأكثر جذباً للاستثمارات في البلاد. ويجسِّد هذا النمو المتسارع توجّهاً أوسع على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، حيث لم تعد التكنولوجيا المالية تُعتبر قطاعاً فرعياً متخصّصاً فحسب، بل أصبحت ركيزة محورية لدفع الابتكار وتعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة.
ما العوامل التي تقف وراء هذا الازدهار المتسارع؟
إليوت سكوير: تلعب الأطر التنظيمية دوراً حاسماً في دفع هذا النمو المتسارع. فقد أنشأت السعودية بيئةً تجريبية تنظيمية مبتكرة، فيما توفّر المناطق المالية الحرة في الإمارات وضوحاً ومرونةً أكبر للمستثمرين الدوليين. كما تُسهم مبادرات الاقتصاد غير النقدي، والخدمات المصرفية الرقمية، والتنظيم المدعوم بالذكاء الاصطناعي في تعزيز ثقة المؤسِّسين والمستثمرين، وترسيخ بيئة أعمال أكثر استقراراً وجاذبية.
ويلسون: تشهد قطر إقبالاً متزايداً من المستهلكين على حلول التكنولوجيا المالية، مع ارتفاع الطلب على المدفوعات الرقمية، وأدوات إدارة الثروات، وخدمات البلوك تشين. وكما أشار جيمس إلى دور الذكاء الاصطناعي، تواصل الحكومات دعم تبنّي هذه التقنيات بفعالية عبر الحوافز والأطر التنظيمية، ما يعزّز ثقة المستخدمين والمستثمرين ويُسرّع وتيرة النمو في السوق.
 ما أبرز الاختلافات في الفرص الاستثمارية بين السعودية، والإمارات، وقطر؟
إليوت سكوير: توفّر السعودية فرصاً واسعة للمستثمرين، إذ يتيح حجمها السكاني وأهداف رؤية 2030 المجال لتأسيس مئات الشركات الجديدة في مجالات الإقراض، وخدمات اشترِ الآن وادفع لاحقاً، وتطبيقات تحويل الأموال، والأمن السيبراني، وهي القطاعات التي تحظى بأعلى مستويات الاهتمام والاستفسارات من المستثمرين. في المقابل، تركّز الإمارات على سهولة الوصول والتواصل، حيث تتّخذ شركات التكنولوجيا المالية العالمية من دبي أو أبوظبي مقراً لها للاستفادة من رأس المال الإقليمي، والكفاءات، والشبكات العالمية، مع الإشارة في كثيرٍ من محادثات العملاء إلى إمكانية الوصول إلى شركة مبادلة للاستثمار في أبوظبي. كما تُعد الإمارات سوقاً قوية للشركات المتخصِّصة القادرة على الاندماج في منظومة التكنولوجيا المالية، بما يشمل تطوير البرمجيات، والاستشارات، إلى جانب التركيز المتزايد على الخدمات المصرفية الرقمية الموجّهة للشباب.
ويلسون: تشهد قطر حالياً نمواً متسارعاً في قطاع التكنولوجيا المالية، مدعوماً بسياسات حكومية تمكّن الشركات الناشئة من التوسُّع بوتيرةٍ أسرع مقارنةً بالأسواق الأكثر نضجاً. ويتيح هذا النمو للمستثمرين فرصة الدخول المبكر، مع منافسة محدودة ودعم قوي من الأطر التنظيمية. ومنذ يونيو 2025، شهدنا ارتفاعاً بنسبة 27.8% في الاستفسارات المتعلّقة بتخزين بيانات الذكاء الاصطناعي، ما يعكس حاجة المؤسسات المالية لتعزيز سرعة وكفاءة عمليّاتها.
 كيف تستفيد الشركات القائمة في دول مجلس التعاون الخليجي من الفرص المتاحة في المنطقة؟
إليوت سكوير: تتمتّع الشركات الإقليمية بفرص واسعة للتوسّع عبر الحدود. فقد دعمنا مشاريع متنوعة، بدءاً من منصات تحويل الأموال التي تربط الشرق الأوسط بإفريقيا وآسيا، وصولاً إلى الأنظمة الرقمية المتكاملة التي تجمع بين الخدمات اللوجستية والتوصيل والخدمات المالية. كما أنّ الكثير من هذه الشركات تتبنّى رؤيةً عالمية منذ لحظة انطلاقها.
ويلسون: ينطلق العديد من العملاء من أسواق أخرى في دول مجلس التعاون الخليجي، مثل الإمارات، لتوسيع أعمالهم. وقد ساعدت الأطر التنظيمية الداعمة على تعزيز نمو شركات التكنولوجيا المالية الناشئة، مما يتيح لها فرصاً للتجريب والنمو والتوسّع إلى السعودية أو الإمارات بثقةٍ ومصداقية. ويُضفي هذا الطموح العابر للحدود على منظومة التكنولوجيا المالية في دول مجلس التعاون الخليجي طابعاً ديناميكياً وجاذباً للاستثمار.
 ما أبرز التحدّيات التي ينبغي على المستثمرين والمؤسِّسين أخذها بعين الاعتبار؟
إليوت سكوير: يشكّل الإطار التنظيمي عاملاً مُمكّناً وفي الوقت ذاته تحدياً للشركات. ففي السعودية، يتطلّب الحصول على موافقةٍ من مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) تحضيراً دقيقاً ومفصّلاً. أما في الإمارات، فيُعدّ اختيار البيئة التنظيمية المناسبة، بين سوق أبوظبي العالمي، ومركز دبي المالي العالمي، أو هياكل البر الرئيسي، أمراً بالغ الأهمية، إذ أنّ أي خطأ قد يكون مكلفاً ويسبّب تأخيرات.<br>
ويلسون: تُشكّل مسألة الكفاءات تحدّياً إضافياً. فشركات التكنولوجيا المالية تحتاج إلى مهارات متخصِّصة في مجالات مثل الأمن الرقمي، وتقنية البلوك تشين، والذكاء الاصطناعي، وهي مهارات نادرة، خاصةً مع ارتفاع الطلب عليها. وعلى الرغم من استثمار الحكومات في برامج التدريب، يبقى الاعتماد على الخبرات المستوردة قائماً على المدى القصير. لذلك، يجب على المستثمرين أخذ استراتيجيات التوظيف والاحتفاظ بالمواهب بعين الاعتبار عند دخولهم السوق.
ما المتوقّع لمسار تطوّر قطاع التكنولوجيا المالية في دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الخمسة المقبلة؟
إليوت سكوير: ستتصدّر السعودية قطاع التكنولوجيا المالية، بفضل حجم السوق الكبير، وأهداف رؤية 2030، والثروات المتنوعة التي تمتلكها. ونتوقع نمواً ملحوظاً في عدد الشركات الجديدة ضمن بيئة الاختبار التنظيمي، مع تركيزٍ على الخدمات المتقدِّمة والمتخصصة ذات الطابع الرقمي. في المقابل، ستواصل الإمارات العربية المتحدة تعزيز مكانتها كمركزٍ إقليمي وبوابة للتوسّع، لاسيّما في مجالات الثروات الرقمية والتكنولوجيا التنظيمية العابرة للحدود، حيث تشكِّل شبكاتها الدولية ميزة طبيعية تدعم نموها وتوسعها.<br>
ويلسون: ستواصل قطر مفاجأة الجميع، حيث يُعد قطاع التكنولوجيا المالية الأكثر جذباً للتمويل، ويشكّل التحوّل الرقمي محور رؤية 2030 الوطنية، ما يعزّز مكانتها كمركزٍ تنافسي قوي. وعلى نطاق أوسع، تنتقل دول مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التبنّي إلى مرحلة القيادة، لتصبح قادرة على رسم التوجّهات بدلاً من مجرد اتّباعها.
 ما أهم النصائح للشركات والمستثمرين الذين يخطّطون لدخول السوق؟
مع انفتاح الأطر التنظيمية، وتدفُّق رأس المال، وارتفاع طلب المستهلك، يتيح دخول السوق في الوقت الراهن الاستفادة من فرص النمو بدلاً من الاكتفاء بملاحقتها.
يشكّل التركيز على الأُسس حجر الزاوية للنجاح، إذ يُعد فهم التراخيص ومتطلبات الامتثال والبيئة المحلية أمراً بالغ الأهمية. كما تُسهم الشراكة مع خبراء مطلعين على البيئة التنظيمية في توفير الوقت، وتقليل المخاطر، وتمكين توسّع ذكي ومتوافق ومستدام.






ابق على اطلاع دائم

اشترك في نشرتنا البريدية لتلقي آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني