محمد عوض الله، الرئيس للتنفيذي لمجموعة تايم للفنادق
على مدى العقدين الماضيين، رسّخت فنادق تايم سمعة واسعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، حيث تضم محفظتها الغنية العديد من المنتجعات والشقق فندقية، وقد حققت نموًا ناجحًا في بعضٍ من أكثر أسواق السياحة تنافسيةً في المنطقة، واليوم ومع استمرارنا في توسيع حضورنا الدولي، فقد برزت قارة أفريقيا كأولوية استراتيجية واضحة، حيث تُمثل القارة الأفريقية واحدة من أكثر بيئات الاستثمار جاذبيةً على مستوى العالم بفضل ارتفاع الطلب وتحسّن وسائل الاتصال وفجوة العرض الهيكلية في قطاع الضيافة الفاخرة، وبالنسبة لنا أفريقيا ليست مجرد منطقة ضمن نطاق اهتمامنا وتوسعنا فحسب، بل تشكّل جزءاً أساسياً من استراتيجيتنا طويلة الأمد للنمو الدولي.

إن أحد أبرز المؤشّرات على توسّعنا في إفريقيا يتمثّل في الأرقام، ففي الربع الأوّل من عام 2025 ارتفع أعداد الزوار الدوليين إلى القارّة بنسبة 9% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، لتتجاوز مستويات ما قبل الجائحة بنسبة 16%، متقدّمة بذلك على المتوسّط العالمي بفارق واضح. إن انتعاش السياحة في إفريقيا يعيد المسافرين إلى وجهات كانت تتعافى وتنتعش بوتيرة أبطأ سابقاً، مما يمنح المستثمرين والمشغّلين ثقةً متجدّدة للاستثمار.
ويظهر الزخم جلياً في عام 2024 حيث استقبلت إفريقيا أكثر من 74 مليون زائر دولي، بزيادة قدرها 7% مقارنة بعام 2019 وارتفاع بنسبة 12% عن عام 2023، وقد قادت شمال إفريقيا هذا الانتعاش، إذ تجاوزت أعداد الوافدين الدوليين مستويات ما قبل الجائحة بنسبة 22%. وفي الوقت نفسه، تُسرّع سلاسل الفنادق العالمية وتيرة توسّعها في مختلف أنحاء القارّة، حيث بلغ مشروع تطوير الفنادق في إفريقيا مستويات قياسية تضمّ أكثر من 570 مشروعاً وما يقارب 105 آلاف غرفة فندقية قيد الإنشاء، وهذا النشاط المتكامل يعزز من قناعتنا الراسخة بأنّ إفريقيا تمتلك إمكانات هائلة للنموّ والتطوّر المستقبلي.
ومع ذلك، ورغم قوة نشاط التطوير العقاري، فإنه لا يزال جانب العرض ضعيفًا في العديد من الأسواق والقطاعات، حيث تتركز معظم المشاريع في العلامات التجارية العالمية المرموقة، والفنادق الفاخرة، وأصول المدن الرئيسية، بينما لا تزال العديد من العواصم ووجهات الترفيه تفتقر إلى عروض قوية من قبل الفنادق متوسطة الحجم، والشقق الفندقية، وفنادق الإقامة الطويلة، وهو بالضبط ما تتفوق فيه فنادق تايم على غيرها من المنافسين.
ويُسلّط تقرير” تطوير سلاسل الفنادق في إفريقيا” الضوء على هذا الخلل الواضح بالتوازن، إذ تستحوذ مصر وحدها على 28% من خطّ مشاريع السلاسل الفندقية في القارة، فيما تمثل خمس سلاسل عالمية كبرى حوالي 71% من الإجمالي، وهذا ما يترك نسبةً كبيرةً من المشاريع غير المنسوبة أو غير المرتبطة بعلامات تجارية محددة، مما يفتح المجال أمام المشغّلين الإقليميين المرنين للدخول والاستفادة من الفرص المتاح، كما تشهد القارّة زيادة ملحوظة في مشاريع إعادة الاستخدام والتحويل، خصوصاً في مصر والمغرب وبعض مناطق شمال إفريقيا، حيث يجري تحويل الفنادق القديمة ومباني المكاتب إلى منشآت حديثة تحمل اسم علامات تجارية معروفة.
تتمتع فنادق تايم بمكانة متميزة يتيح لها الاستفادة من هذه الفرصة الواعدة، فنحن نمتلك بالفعل حضورًا قويًا في شمال أفريقيا، مما يمنحنا خبرة تشغيلية ورؤية ميدانية مباشرة للأسواق المحلية. والأهم من ذلك، أننا ملتزمون بخطة توسع طموحة تتضمن افتتاح 12 فندقًا جديدًا بحلول الربع الأول من عام 2026، تشمل كل من: تنزانيا والمغرب وجزر المحيط الهندي ووجهات استراتيجية أخرى.
تتوافق تشكيلة محفظتنا الحالية التي تشمل المنتجعات والشقق الفندقية مع الاحتياجات الأساسية في السوق الإفريقية من حيث المرونة، وتنوع النطاق، المرونة، وتنوّع الأحجام، والقدرة على تلبية احتياجات شرائح مختلفة من الضيوف، سواء كانوا مسافري ترفيه، أو نزلاء أعمال، أو مقيمين لفترات طويلة، إذ نشهد بالفعل اهتمامًا كبيرًا من قبل شركائنا المحليين الذين يبحثون عن مشغلين ذوي خبرة للمساعدة في جلب ضيافة عالية الجودة تحمل علامة تجارية مميزة إلى السوق.
إن توقيت هذا التوسّع مدروس بعناية فائقة، فمع دخول إفريقيا مرحلة من التعافي المستدام ونضوج مشاريعها الفندقية، فإننا نسعى إلى ترسيخ حضورنا في الوجهات الأسرع نمواً مثل تنزانيا (بما في ذلك زنجبار)، والمغرب، والأسواق الرئيسية في جزر المحيط الهندي.<br>
وليس الهدف من ذلك التوسّع العشوائي فحسب، بل النمو المنضبط القائم على شراكات مدروسة بعناية واستراتيجية محلية دقيقة وموجّهة.
على مدى السنوات القليلة المقبلة، أعتقد أن فنادق تايم قادرة على أن تصبح واحدة من أبرز المشغّلين الإقليميين في نهضة قطاع الضيافة الإفريقي من خلال دفع النمو التجاري وبناء القدرات المحلية وتمكين المجتمعات وتطوير منظومات سياحية أكثر استدامة عبر القارّة.